نعم لا أمزح !!.. في داخل مدرسة الصحافة الدنماركية "أقدم" مدرسة في كل البلاد، بار يسمى بار يوم الجمعة ، تفتح أبوابه بعد الساعة الثانية،" توقيت إنتهاء اليوم الدراسي" تتصاعد الموسيقى من داخل البار، ورائحة الكحول والبيرة في كافة أرجاءه.. الطلاب يدخلون البار الذي يقع في الجزء السفلي في المدرسة .. سيسكروا ويتحدثوا ويحتفلوا،، مجموعة أخرى في الركن تلعب البليارود وأخرون في حالة تشنج مع طاولة كرة القدم اليدوية، يستمر البار حتى ساعة متأخرة من الليل يتناوب عليه متطوعون من الطلاب لبيع " المشروبات الروحية"، ثم يغلق أبوابه إلى الجمعة القادمة..
هكذا الدنماركيون.. يفقدون عقولهم حتى في داخل المدرسة .. لكن الجميع متأكد بأنهم بالغون ومسؤولون بحيث لن يتسببوا في إذاء المدرسة. ولذلك مازال البار قائما منذ السبعينات حتى الآن.
بار الجمعة، ينام ممتلئ العيننين، طوال الأسبوع، لا تشعر بوجوده، وترى الجدية في وجوه الطلاب، يركضون إلى فصولهم، يضعون الصور التي إلتقطوها كنتائح عمل من حصص التصوير في ممرات المدرسة ،.. وهكذا، في حالة ركض بين معدات التلفزيون أو صحفٍ يقلبونها في المكتبة.
لكن في داخل البار كل شيء يتغير، هي مساحة للتحرر من كل الركض العلمي، ... لم أكن الوحيدة التي تفاجأت بوجود البار داخل المدرسة، حتى الطلاب الدوليين من الولايات المتحدة ، استراليا، وأوربا ..ضحكوا ولم يصدقوا ماشاهدوه..
لم أفهم كيف يستطيعون الجمع بين الترفيه وبين التعليم، لكنهم يفعلون، يتعلمون بالفعل / والعمل / والترفيه،... والأغلبية تنجح ، ووجود بار داخل قلب الحرم الدراسي، لن يمنع أحدهم أن لا يتمكن من إكمال دراسته، مديرة التحرير في صحيفتي الدنماركية هي إمرأة في الأربعين من عمرها. كانت أهم ناشطة في البار، كانوا يسمونها الملكة، واليوم هي من الشخصيات والكاتبات المحترمات في الصحافة في البلاد. أستطاعت أن تسكر وأن تكتب إبداعاً.
في الشرق الأوسط منحنا دائما القدسية لمدرستنا، وكيف يجب أن نرتدي فيها، نمشي ، نتحدث، وحتى كيف ننظر لعين الألهة التي تسمى أستاذ وابلتي.!!.
أتخيل الطالب في بلادنا يسأل المدير الموقر، أن يفتح نادي أو بار حلال في المدرسة، أكاد أراه يلطم كفا على كف، يقطب حاجبيه، وينهره للتقليل من قدسية المدرسة، في حين أن هذه المقدسة مازالت تخرج حتى الأن عدد لابأس به من العاطلين عن العمل والأمل. أرى الطالب يحاول أن يتلصص من الحصص التي أختنق منها ونظرياتها إلى ذلك النادي بعد أن قَبل أستاذ أستثنائي أن يقام في المدرسة ذلك النادي...
النتيجة: لا الطالب عرف كيف يتعامل مع الترفيه، ولا ذاك المدير قبل أن يفهم بأن في مدرسته طالب هو في الأصل إنسان، لا مكينة لإبتلاع معلومات كتاب وكأنها أنزلت من السماء.
لأ أقول أفتحوا الباروأفهم الخصوصيات والإختلافات وإلخ..، في الدول الإسكندنافية يسكرون من أجل الدفء والهروب من إكتئاب الليل الطويل، والشوق للضوء ، " وفيه منافع" نعم للخمر والسكر منافع وهم يستندون عليها للنجاة من الهلاك البارد.
لكني أدعوا واقعنا لأن يُستفز بماوصلوا إليه، وأن نعي حاجة النظام التعليمي إلى تغيير لما عليه، وإن كان البار "مجازاً" سيحرر عقولنا من عفن التبعية، وإستقلال الفكر، وحرية الروح، فأهلاُ بالبار الحلال داخل مدراسنا، وسحقا للوصاية والمخاوف التي خلفتنا في مقاعد المشاهدين...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق